الصحة الإنجابية وتنظيم
الأسرة
يتناول هذا الفصل مدى اهتمامات المرآة ووعيها بمجالات الصحة الإنجابية وتنظم الأسرة ، ومعرفة احتياجاتها التي تعبر عنها ، إضافة إلى مدى وجود الخدمات الصحية العامة بما فيها الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة في المجتمع الريفي .
h تحديد مفهوم الصحة الإنجابية :
يشير مفهوم الصحة الإنجابية ، كما ورد في وثيقة مؤتمر القاهرة العالمي للسكان 1994م ، بأنه : « حالة السلامة الكاملة بدنياً وعقلياً واجتماعياً وليس مجرد السلامة من المرض أو الإعاقة » في جميع الأمور المتعلقة بالجهاز التناسلي ووظائفه وعملياته . وهذا يعني أن الصحة الإنجابية تتضمن في مفهومها أن يتمكن الناس ذكوراً وإناثاً بالتمتع بحياة جنسية مرضية وآمنة ، وأن تكون لهم القدرة على الإنجاب وحرية البت في مسألة الإنجاب أو عدمه وتوقيت الإنجاب وعدد الأطفال المرغوب إنجابهم ، وينطوي الشرط الأخير على حق الرجال والنساء في الإطلاع على ما يختارونه من وسائل تنظيم الأسرة السليمة والفعالة وذات التكلفة المناسبة والمقبولة ، وحقهم في الحصول على خدمات الرعاية الصحية الملائمة ، وبشكل عام يمكن القول أن الصحة الإنجابية هي مجموعة من الوسائل والسبل والخدمات التي تساهم في الصحة العامة والسلامة الإنجابية ، بالوقاية من مشكلات الصحة الإنجابية وحلها .
ويرتبط بالصحة الإنجابية مفهومان آخران هما ( الصحة الجنسية، والحقوق الإنجابية ) ، ويقصد بالصحة الجنسية قدرة الناس على التمتع بحياة جنسية مرضية ، ومأمونة ، وتشمل أشكال السلوك اللازمة للتصدي للأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي ، أما الحقوق الإنجابية فهي تشمل ، الحق الأساسي لجميع الأزواج ، والأفراد، أن يقرروا بحرية ومسئولية عدد أولادهم ( عدد الأولاد الذين يرغبون في إنجابهم ) وفترة التباعد بينهم ، وتوقيت إنجابهم ، وأن تكون لديهم المعلومات ، والوسائل اللازمة لذلك(12) .
h تحديد مفهوم تنظيم الأسرة :
يقصد بتنظيم الأسرة family planning ، العملية التي يقررها الزوجان من أجل تحديد عدد الأولاد ، وتحديد التباعد في الولادات بينهم ، وقد عرف المؤتمر الإسلامي الذي عقد في الرباط 1971م ، تنظيم الأسرة بأنه : « قيام الزوجين بالتراضي بينهما ، وبدون إكراههم، باستخدام وسيلة مشروعة ، ومأمونة ، لتأجيل الحمل ، أو تعجيله ، بما يناسب ظروفهما الصحية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، وذلك في نطاق المسئولية نحو أولادهما وأنفسهما » (13) .
وبمعنى آخر يمكن القول أن تنظيم الأسرة هو التخطيط السليم لإيجاد مناخ مناسب لأسرة متوازنة ، قادرة على تنشئة وتربية الأولاد بشكل سليم ، ويتبلور مفهوم تنظيم الأسرة من خلال محدداته المجتمعية العامة والخاصة ، بمعنى أنه كلما تطور المجتمع اقتصادياً ، واجتماعياً ، وسياسياً ، وثقافياً ، كلما أدى ذلك إلى نضوج الوعي العام بأهمية تنظيم الأسرة ، وبأهمية الصحة الإنجابية لدى كل من الرجل والمرأة .
إن الصحة الإنجابية ليست مجرد شاغل من شواغل المرأة فقط ، خلال ما يسمى بسنوات الإنجاب (15 - 45 ) ، بل إن الصحة الإنجابية هي شاغل يستمر طوال الحياة للرجل والمرأة على السواء ، من الطفولة المبكرة إلى الشيخوخة .
وفي كثير من الثقافات يبدأ التمييز Discrimination ضد النساء من الطفولة ، ويحدد مسار حياتهن ، فالمسائل المتعلقة بالتعليم ، والرعاية الصحية الملائمة ، تنشأ في مرحلتي الطفولة ، والمراهقة ، وتظل تلك المسائل مطروحة من خلال سنوات الإنجاب ، إلى جانب المسائل المتعلقة بتنظيم الأسرة ، والأمراض المنقولة عن طريق الإتصال الجنسي ، والإصابة بالجهاز التناسلي ، والتغذية الكافية والسليمة ، والرعاية الصحية اللازمة ، أثناء الحمل ، وبعد الولادة ، إضافة إلى المكانة الاجتماعية للمرأة . فالرجال يحتاجون إلى التنشئة الاجتماعية، والتوعية بالمسئولية الجنسية ، كما يحتاجون إلى استمرار التوعية ، ومواصلة الدعم من أجل بلورة سلوك صحي بالمسائل الجنسية والأسرية ، وهنا يحتاج الرجال والنساء معاً ، إلى برامج رعاية الصحة الإنجابية ، التي تتناسب مع كل المراحل العمرية التي يمرون بها في حياتهم .
إن أهم مجالات الصحة الإنجابية ، وتنظيم الأسرة ، كما عكستها نتائج الدراسية الميدانية من واقع المرأة الريفية في المجتمع اليمني ما يلي :
أ- الأمومة الآمنة :
يتضمن مفهوم الأمومة المأمونة اهتمام المرأة ، ووعيها بالرعاية الصحية السليمة لها ، أثناء الحمل ، وعند الولادة ، وبعدها ، وطرق الوقاية العلاجية من الأمراض المنقولة ، وهي عملية يتزايد الوعي بها ، والحصول على خدماتها بتزايد حجم التطور الصحي ، والعلاجي (مؤسسات - كوادر - علاج ) ومدى وجود المؤسسات الصحية (مستشفيات - مراكز صحية ) في عموم القرى الريفية ، أي وجودها بالقرب من التجمعات السكانية ، حيث يمكن للنساء ، والأطفال ، والرجال ، الحصول على الخدمات الصحية بيسر ، ومرونة ، وبتكلفة قليلة ، إضافة إلى أهمية دور الثقافة الشعبية ، في إعاقة توجه المرأة نحو الطب الحديث ( الخدمات الصحية الحديثة ) ، خاصة في حالة الولادة ، ومدى ارتباط ذلك ، أو تأثره بالظروف الاقتصادية ، ومدى موافقة الزوج على ذلك .
جدول رقم (13)
مدى اهتمام المرأة الريفية بالصحة الإنجابية « عينة الدراسة »
- حجم النساء اللاتي تتم ولادتهن في مركز صحي .
- حجم النساء اللاتي تتم ولادتهن في المستشفى .
- حجم النساء اللاتي تتم ولادتهن في المنزل .
من تفضل المرأة الريفية الإشراف على ولادتها :
- طبيب / طبيبة
- ممرضة .
- قابلة .
- أقاربها وأسرته .
أثناء فترة الحمل ، هل تترد المرأة الريفية على :
- المركز الصحي .
- المستشفى .
- ليس مهما .
- تستشير جارتها أو القابلة في القرية . 1.3%
14.4%
83%
16.3%
7.2%
18%
50.4%
16.8%
23.2%
30.3%
24%
يوضح الجدول مدى حصول المرأة الريفية على الخدمات الصحية الحديثة ، ومدى وعيها واهتمامها بها ، وقد تم قياس ذلك من خلال مؤشرات كمية تبرز حجم النساء في الريف اليمني ، اللاتي تتم ولادتهن في المراكز الصحية ، والمستشفيات ، مقارنة باللاتي تتم ولادتهن في المنزل ، وتوضح النسب إنخفاض حجم النساء اللاتي يلدن في المستشفيات والمراكز الصحية ، فالنسبة 1.3 % تعبر عن حجم النساء اللاتي يلدن في المراكز الصحية ، والنسبة 14.1 % تعبر عن حجم النساء اللاتي يلدن في المستشفيات ، مقابل ارتفاع كبير في النساء اللاتي يلدن في المنزل بمعدل 83 % ، ويمكن تفسير ذلك بقراءة سوسيولوجية فاحصة للواقع المجتمعي في الريف اليمني - خاصة الوسط الأسري - الذي تعيش فيه المرأة ، فالرعاية الصحية الحديثة ، من حيث نوعها ، وجودتها ، ومدى حصول المرأة عليها ، ترتبط بمحددات اجتماعية واقتصادية وثقافية ، فالظروف الاقتصادية تؤثر سلباً وإيجاباً في صحة المرأة وأسرتها ، ذلك أن ملامح القوة وضعف مصادر الدخل تؤثر سلباً على قدرة الأسرة الريفية ، والمرأة خصوصاً في الحصول على خدمات صحية حديثة ، نظراً لكلفتها المرتفعة التي تفوق دخل الأسرة ، كما أن الثقافة التقليدية Traditional Culture ( منظومة العادات والتقاليد السائدة ) تؤثر سلباً في إتجاه المرأة ، واهتمامها بطرق الرعاية الصحية الحديثة ، بما في ذلك اهتمامها بالذهاب إلى المستشفيات ، أو المراكز الصحية ، سواءً في القرية أو في المدينة ، فالثقافة التقليدية تجعل من الولادة في المنزل أكثر تقبلاً لدى المرأة من حيث مبرراتها بالأمان ، ضمن أسرتها وأقاربها، كما أن خبرة النساء كبار السن ، والأمهات يعملن على تفضيل الولادة المنزلية ويبررن ذلك بأهمية خبراتهن ، وتجاربهن ، وبالتالي يعملن على تفضيل الولادة المنزلية ، وإزالة المخاوف التي قد ترتبط بها .